الثلاثاء، 22 ديسمبر 2009

رماد الذكريات

اذكر يا ابي صورة ذلك الصبي الذي غادر معك في صباح من صباحات شتاء الطفولة الاولى اذكر ركوبي معك في السيارة وكلماتك لي وانا ابكي واستغيث بك كي انجو من المجهول الغامض وانت تهدهدني بكلمات تقطر حنوا ورحمة واذكراني عندما رفضت النزول من السيارة وذهبت بي الي دكان ذلك العجوز الذي احنت قامته السنون لتشتري علبة كبيرة من الحلوى وتدخل معي الي ساحة المدرسةوتنثرها لكي تدخل البهجة الي قلبي كم هي رائعة تلك الايام والان اهرب من مجهولى اكثر رعبا وغموضا هل كان بالامكان ان نبقى بمنأى عن دورة الزمان؟هكذا اسأل نفسي اليوم وغدا وبعد غد اكرر السؤال هل بأمكان المرء ان يعيش بعيداعن عبث العالم وجنونه ووحشيته حين يتألم يبكي على صدر امه تبدو الامكنة التي عشنا وعاشت فينا كعقد من اللؤلؤ حين ينفرط العقد تنفرط الامكنة كما سنوات العمر مشيت اليوم في ذلك الصباح تاركا خلفي ثملنية وعشرون عاما مثعثر في دروب الوعر حزنت على صوتي المخنوق مستغيثا من جور الايام حزنت على لعبتي التي حطمت حزنت على صورة البيت الذي جمعنا انا واخوتي في صبانا والذي لعبنا على عتابته حزنت على ذلك العصفور الذي بنى عشه عل اشجار الجازولينا حزنت على خبز تلك المرأة التي غيبها الموت باكرا حزنت على استاذي الاول الذي عاش ومات فقيرا حزنت على نافذة البيت المطلة على بستان عمي صالح حزنت على باب بيتنا المتاخم ابدا للمغيب وعلى ابواب دخلنا محملين بالامل والرجاء وخرجنا منها اما مثخنين بالجراح او مهزومين حزنت على تلك العجوز الطيبة جدتي صاحبة الصوت الجهوري المولعة بعتاب الله على شقائها الضامرة تحت شجر النسيان والجحود والنكران لهفي عليه وهي تغادر الي التراب بجوار جدي ذلك التحنان الدافق صاحب الشعر الاشيب سلام لك يا جدي ولهفي على نحولك في اواخر ايامك مغادرا الي الابد الي ذلك النعاس تحت تراب الزمان الان انا امشي تاركا خلفي سنواتي الاولى وهي شجر نهر دفاق مشاتل نعناع جدي هي مدرسة طريق موحلة موقد لسعني جمره وصنبور ماء شربت منه كل الكائنات المقيمة والعابرة شلة الشغب في الفصل كتاب تناوبنا القراءة فيه واستاذ نهرنا حتى نحل الدرس صديق مولع بالشعر واخر هزمته الاياماشعر احيانا بثكاثف الحزن الاسطوري القابع ابدًا وراء ابتسامة مواربة تخفي ورائها كل احزان وتنهدات مكابدات البشر عبر العصور في اهة خرساء او دمعة تنعي طلل الاماني ورماد الذكريات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق